“كيف تقول أنّه وقت الاستسلام؟ أنا لن أستسلم!” اهدأ قليلا يا صديق. مع أنني من أشدّ الناس إيمانًا -بل وممارسة- لشعارِ “لا تستسلم”، فلا بد من الاعتراف أنّه يومًا ما في حياتك، سيكون الأفضل لك أن ترفع الراية البيضاء. من الجهالة أن يستمرّ المرء ماضيًا في أمره ولا يعرف متى يتوقف، حتّى حين يكون ما يفعله خطأً كبيرا له.

هل تكون انهزاميًّا حين تستسلم؟ ذلك يعتمد على الشيء الذي استسلمت عنه. أنا لا أتكلم الآن عن ترك عادةٍ سيئة، إنما أتكلم عن ترك السعي وراء هدف. إنني متأكد أنك قد قيل لك: إذا أردت أن تكونَ ناجحًا، فعليك أن تثابر، وتناضل، وتقف مهما وقعت، وتقتحم العقبات حتى تصل. أنا أقول هذه الأشياء للناس دائما، فلماذا أقول الآن أن الأفضل لك قد يكون أحيانا أن تستسلم؟ السبب: أنك في أحوال كثيرة، لن تتقدّم إلى الأمام، حتّى ترجع إلى الوراء.

أحيانا يقضي المرء منّا كثيرا من وقته ويستهلك كثيرا من جهده لينجز هدفًا، ولكنّه يجد بعد ذلك أنّ خطته خاطئة بالكامل. لعلّك كنت تستطيع أن تنجز نفس الإنجازات في نصف الوقت الذي استغرقته فيها لو أنك كنت تهتمّ بالأشياء الأهمّ.

فلنقل مثلا أن هدفك كان أن تنقص وزنك. عليك إذن أن تفعل 1000 تمرين معدة في اليوم. بعد شهرٍ من فعل هذا، تدرك أنك التزمت بما يكفي لتصل إلى هدفك بـ1000 تمرين في اليوم، ومع ذلك، لم تقترب من هدفك الحقيقي في إنقاص وزنك. هذا يسمى التركيز على الهدف الثانوي، وهو أحيانا خطةٌ خاطئة.

أحيانا نركّز كثيرا على هدفٍ ثانوي إلى أن ننسى التركيز على الهدف الأوّليّ. ألاحظ هذا عند مندوبي المبيعات دائمًا. هدفهم الرئيسي أن يجنوا المال، ولكنهم كثيرا ما يركّزون على تسلّم منصب جديد في قسم المبيعات، وعندما يخفقون في هذا، يشعرون أنه فشل كبير. إن الهدف لم يكن قطّ الحصول على منصب ما، إنما كان الهدف أن يجنوا أموالا، سواء مع هذه الشركة أو شركة أخرى.

فهل يحسُن -في هذه الحالة- بمندوب المبيعات أن يترك عمله إذا كان هدفه في جني مبلغٍ من المال لا يتحقق؟ سيقول عنه المديرون أنّه انهزامي، ولكن الحقيقة أن هدفه كان جني الأموال. فإذا أمكنه أن يحقق هدفه قي مكان آخر، فإن ترك العمل سيكون خيارا ذكيا حينها.

فمتى يحين إذن وقتُ الاستسلام؟ عندما يكون ما تفعله لا يقدّم شيئًا لهدفك الأساسي. أحيانا يكون من الأفضل أن تستسلم عمّا تفعله، وتبدأ مسارًا جديدًا نحو هدفك نفسه.

يقضي بعض الناس أعمارهم كاملةً يسيرون نحوَ هدفٍ، ليجدوا في النهاية أن المسار الذي اختاروه كان مسارًا خاطئًا. لا عيبَ في أن تترك مسارًا اتخذته نحو هدفك، ما دمتَ دائمًا تسعى إلى تحقيق هدفك. ولا معنًى من الاستمرار في طريق لن يأخذك إلى مكان.


المصدر

Avatar

عبد المعين السباعي

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!