ما هو السر من وراء ترك بعض الصفحات في الكتب فارغة عن عمد؟


من السهل دائما تجاهل الجملة “هذه الصفحات تركت فارغة عن عمد” ولكن في الواقع يوجد اسباب وجيهة من ترك تلك الصفحات فارغة. دعونا من خلال هذه المقالة نتعرف على تلك الاسباب:
بادئ ذي بدء تسمى الصفحات التي تترك فارغة عن عمد في اي كتاب ما بصفحات “vacat ” ويعود نشوء هذا الخطأ الى فجر اختراع الطباعة الالية, حيث كانت الاخطاء الطباعية شائعة الى حد كبير. كما في يومنا هذا فان الهدف من ترك بعض الصفحات فارغة فقط ليتأكد الناس بان تلك الصفحات الفارغة ليست ناجمة عن خطا في الطباعة.
ونظرا لهذا فليس من المستغرب ان تقرا دائما عبارة “تركت هذه الصفحات فارغة عن عمد” بينما كنت تعتقد اثناء قراءتك للكتاب خلاف ذلك (اي لا تنبغي ان تكون فارغة).

وهذا يقودنا في المقام الاول الى السؤال المهم الا وهو ما هو السبب من وراء ترك تلك الصفحات فارغة؟

حيث يعد ترك بعض الصفحات فارغة بهذا الشكل يعد تبذيرا للأوراق والاموال وخصوصا بانه يتم طباعة عدد كبير من الكتب والمقالات والمنشورات بهذا الشكل.
السبب الاول ضمن قائمة الاسباب: هو استخدام الصفحات الفارغة ضمن الاختبارات والامتحانات المعروفة لدى الجميع وذلك بين اقسام الاسئلة وذلك لمنع الطلاب من قراءة القسم التالي من الاسئلة قبل القسم الاول الذي ينبغي ان يقوموا بقراءته اولا. ولضمان عدم وقوع الطالب في حيرة من أمره بسبب وجود صفحات فارغة عشوائية ضمن ورقة الاختبار, فيتم الاشارة اليها بعبارة “هذه الصفحة تم تركها فارغة عن عمد”.

وقد توضع صفحة فارغة في الاختبارت ويكون الهدف منها ان ينتظر الطالب بعض الوقت قبل ان يبدا بالقسم التالي من الاسئلة لذلك يوضع عليها عبارة “توقف هنا” بدلا من العبارة السابقة.
اما السبب الثاني: فقد يكون هناك سبب اخر لتضمين بعض الصفحات الفارغة ولاسيما في بعض الوثائق الرسمية الهامة وذلك بوضع صفحات فارغة بين الصفحات تجنبا لآثار الحبر التي من الممكن ان تنشئ بسبب تسرب الحبر بين الصفحات. يعد هذا ايضا واحدا من الاسباب وراء ترك بعض الصفحات فارغة ومشار اليها بعبارة “لا تكتب اي شيء على هذه الصفحة” وبالتالي فان ترك صفحة فارغة هنا انما هو فقط لمنع تسرب الحبر من صفحة الى صفحة مهمة اخرى.
ومن جهة اخرى فان وجود صفحات فارغة في بعض الكتب يعد امرا ملزما حيث ان الاوراق المجهزة للطباعة لتلك الكتب تكون ذات احجام معينة وموحدة وتكون تلك الاوراق قابلة للطي الى صفحتين من صفحات الكتاب مما يجل احيانا ان احد الصفحتين تكون فارغة بينما الصفحة الاخرى مليئة حيث تكون الكتابة ملئت صفحة واحدة من الورقة الكبيرة مما استدعى ترك الصفحة الاخرى فارغة.
وتعرف هذه الصفحات باسم صفحات “التوقيع” وعادة ما تكون كل (4, 8, 16, او 32) صفحة تكون ورقة كبيرة. بغض النظر عن طريقة طي الصفحات ولكن بالنتيجة سنكون امام كتاب ذو عدد زوجي من الصفحات. فاذا نظرنا بعناية الى منتصف الكتاب وهو مفتوح يمكننا رؤية هذا النوع من تجميع الصفحات بوضوح. فعلى سبيل المثال اذا كان محتوى كتاب ما هو 299 صفحة فقط من معلومات, فان على الكاتب ان يختار اوراق كبيرة ذات ال 4 صفحات وهي اصغر ورقة قابلة للطي بعدد 75 ورقة حيث ان كل ورقة يمكن طيها الى اربع صفحات وبالتالي يصبح عدد الصفحات الكاملة للكتاب هو (75 ورقة مضروبة ب 4 اي 300 صفحة اجمالا) وبالتالي سيبقى صفحة واحدة فارغة فقط. فاذا افترضنا ان كل ورقة كبيرة ممكن ان تشكل 32 صفحة منها فانه من اجل كتاب من 299 صفحة سنستخدم عشرة اوراق اي سيصبح لدينا 320 صفحة وبالتالي سينتج لدينا عدد ضخم من الصفحات الفارغة وهو 21 صفحة فارغة لان الكتاب يجب ان يتكون من 299 صفحة فقط. وبذلك يعتبر اختيار هذا النوع من الاوراق خيار سيء, ولكنه لايزال هذا النوع من الاوراق يستخدم ليومنا هذا سواء لأسباب مالية او فنية مختلفة.

ولذلك يميل الكتاب والمحررين الاذكياء الى التخفيض من تنسيقات الكتب المصممة من هذه الاوراق بما يتناسب مع عدد الصفحات من اجل تخفيض عدد الصفحات الفارغة قدر الامكان. ولكن مهما حاولنا لا بد على الاغلب من وجود صفحات فارغة, ولذلك قد يلجا بعض المحررين او الكاتبين الى الحيلة من خلال ملئ تلك الصفحات الفارغة بإعلانات عن اعمال او كتب او منشورات اخرى وبالتالي الاستفادة منها بشكل من الاشكال. وبالتالي ممكن ان يوضع بها الكاتب نبذة مختصرة عنه بدلا من ان يضعها على غلاف الكتاب, وممكن ان يلمح الكاتب للقارئ بان يستخدم تلك الصفحات الفارغة لتسجيل ملاحظاته كما في الكتب المدرسية.
كل هذه الحيل في الاساس لان لا يظن القارئ بان تلك الصفحات تركت عشوائيا ولتفادي عبارة “هذه الصفحة تركت فارغة عن عمد”
ومع كل تلك الحيل سيبقى هنالك صفحات فارغة مقيدة بطبيعة الكتاب بحيث يظن القارئ بانها لا يجب ان تكون فارغة. ولذلك على سبيل المثال كثيرا ما رأيتم صفحات فارغة في بداية الكتاب او في نهايته او في كليهما فهي تعد الوسيلة السهلة لعدم ايقاع القارئ في الحيرة وهي الطريقة المثلى لإخفاء حقيقة ان صفحات الكتاب لا تناسب محتوى الكتاب من خلال وضع عبارة “تركت هذه الصفحة فارغة عن عمد” .


مصدر

طاقم مجلة وسع صدرك

طاقم مجلة وسع صدرك

مجلة وسع صدرك الالكترونية جرعة يومية من الدهشة والفضول

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!