معظمنا يعلم أن النباتيّين هم أولئك الذين لا يأكلون اللحوم، إلا أن هذا ليس صحيحاً بالضرورة. فالبعض منهم يستهلكون اللحوم، وحتى أعتى النباتيّين يُمكن أن لا يتردد في تناول اللحوم إذا ما كان سكراناً.

لكنّ هذه ليست الحقيقة الوحيدة المفاجئة عن النباتيّين. على سبيل المثال، البعض يعود لتناول اللحوم أسرع مما تظن، البعض لديه التزام غير عادي، إلا أن حرباً تدور في خفايا نفسه.

كان النباتيون في الماضي يُسمّون الفيثاغوريّين

Photo credit: Wikimedia

إن كلمة “نباتيين” كلمة مُحدثة، وقد سُمعت أول مرة في القرن التاسع عشر. قبل ذلك كان الناس يُشيرون لمن يتبعون نظام الأكل الخالي من اللحوم بالفيثاغوريين، وقد سُمّوا بهذا الاسم نسبة إلى فيثاغورث، العالم الرياضي والفلكي اليوناني، الذي تُنسب إليه أيضاً نظرية فيثاغورث.

لم يتبع فيثاغورث هذا النمط الغذائي لأسباب صحية أو دينية، بل كان بسبب إيمانه أن البشر الأموات يُبعثون بأجساد جديدة كحيوانات. كان فيثاغورث يعتقد أن ذبح الحيوانات وأكلها يُماثل فعل ذلك مع الإنسان، فلربما كان الحيوان أحد الأقارب.

يُصبح إيمان فيثاغورث بالتقمّص أكثر غرابة عندما نعلم أن هذا الرجل كان عالماً كبيراً، فهذا الشخص هو من اكتشف أن القمر يعكس الضوء من الشمس، وأن الأرض كروية. لكنّه كان مقتنعاً بمعتقده لدرجة أنّه منع ضرب كلب لأنه اعتقد أنه في صلبه يُشبه صديقاً.

لم يأكل فيثاغورث سوى الخبز، العسل، والخضار. والعديد من أتباعه تخلّوا عن تناول اللحم، وتبنّوا هذا النظام الغذائي. لقد حاول فيثاغورث أن ينقل نظامه الغذائيّ هذا لليونانيّين، إلا أنه تعارض بشدة مع ثقافتهم.

وبينما كانت علاقة اليونانيّين متأزمة مع من يتبع النظام الغذائي الفيثاغورثي، كان أتباع فيثاغورث لا يظهرون اتباعهم لهذا النظام على العلن.

85% من النباتيين يعودون لتناول اللحم خلال سنة

معظم النباتيين لا يصمدون طويلاً ويعودون إلى تناول اللحم لاحقاً

في دراسة أطلقها مجلس البحوث البشرية في الولايات المتحدة، فإن 85% من النباتيّين حديثي العهد يتركون هذا النظام الغذائي بعد أقل من سنة من اتباعهم له. واشترك في هذه الدراسة 11000 ممن هم نباتيون، ونباتيون سابقون، وغير نباتيين في الولايات المتحدة.

تبعاً للدراسة فإن 88% ممن يتجاوز سنهم ال17 لم يُجرّبوا النظام النباتي، 10% كانوا نباتيين في وقت ما، و2% هم فقط النباتيون. واحد من بين خمسة نباتيين يبقى على نظامه الغذائي، أما البقية فيعودون لتناول اللحم. وبهذا الشكل فإن ثلث الذين تخلوا عن النظام النباتي كان بعد ثلاثة أشهر، أما البقية فتخلوا عنه بعد أقل من سنة.

ثلث النباتيين قالوا أنهم بدأوا بأكل اللحم بعد أن دخلوا في علاقة مع من يأكلون اللحم، آخرون عادوا لتناول اللحم بدافع الصحّة، التكاليف المالية، أو الأسباب الاجتماعية. لكن معظم النباتيين أكلوا كمية لحم أقل مما كانوا عليه بعد تجربة النظام النباتي.

هناك عدة أنواع من النباتيين والبعض منهم يأكلون اللحم

هناك نباتيون يتناولون اللحوم في الواقع

“النباتية” كلمة شاملة لأنواع مختلفة من الناس الذين يدّعون تبنّي نظام غذائي قوامه النبات، بعيداً عن لحوم الحيوان. وقد استخدمنا كلمة ” يدّعون ” لأن هناك من يتناول اللحوم من النباتيين، على الرغم من أن قوام النظام الغذائي لهم جميعاً هو النبات.

1. سنبدأ بمن يُعرفون بالنباتيين الخُضرويين -Vegans-، هم أول من نتخيله عندما نتحدث عن النظام الغذائي النباتي. إنهم أكثر أشكال النباتيين صرامة، بمعنى أنهم لا يأكلون لحم الحيوان أو السمك، وهم لا يأكلون المنتجات الحيوانيّة حتى، كالعسل، الحليب، وحتى البيض. أيضاً يتجنّبون اقتناء منتجات مثل الحرير، الجلد، أو الصوف المصنوعة من الحيوانات.

2. أما النباتيون الذين يستهلكون اللاكتوز-Lacto-Vegetarians-، فهم يشبهون إلى حد كبير النباتيين الخضرويين، بفارق أنهم يأكلون مشتقات الألبان، كالجبنة والحليب.

3. أيضاً هناك النباتيون الذين يأكلون البيض-Ovo-Vegetarians، وهم يُشبهون أيضاً النباتيين الخضرويين، إلا أنهم يأكلون البيض ومشتقاته.

4. يوجد من بين النباتيين من هم خليط بين من يأكلون البيض ويستهلكون اللاكتوز-Lacto-ovo Vegetarians-، حيث أن معظم النباتيين يُصنفون تحت في هذا الفرع، فليس بالضرورة أن يتجنبوا المنتجات المصنوعة من الحيوانات.

5. النباتيّون الذين يأكلون لحم الدواجن فقط-Pollotarians-.

6. النباتيون الذين يأكلون المأكولات البحرية والسمك-Pescatarians-.

7. النمط الأخير هم النباتيون الذين لا يأكلون سوى السمك أو الدجاج وتكون وجبتهم الغذائيّة خالية من اللحوم-Flexitarians-، البعض لا يعتبرهم تياراً أساسياً من النباتيين، ذلك لأن الفكرة الأساسية من هذا النظام الغذائي هو التوقف عن تناول اللحوم.

بعض النباتيين يأكلون لحم الكنغر فقط

مجموعة جديدة من النباتيين ظهرت في أستراليا، وهم النباتيون الذين يأكلون لحم الكنغر فقط، البعض يتوقف عن تناول اللحوم لأسباب أخلاقيّة، فهم لا يكونون راضيين عن تربية الحيوانات وذبحها في المزارع.

في استراليا يوجد الكثير من الكناغر البريّة، وبما أنها لا تُربى في المزارع، فإن هؤلاء الأشخاص ليس لديهم أيّة أسباب تمنعهم من تناول لحوم هذه الكناغر.

يُفسّر من يتبع هذا النمط الغذائي تناولهم للحوم الكناغر بأنها صديقة للنظام البيئي، فهي لا تُصدر غاز الميتان المدمر لطبقة الأوزون كالماشية والخراف التي تتم تربيتها في المزارع.

عادة يُصبح الناس نباتيين لسبب أو اثنين

بشكل عام، يُصبح الناس نباتيين إما لأسباب صحية أو لأسباب دينية، وليس ثمّة اتفاق على تسمية ” نباتي دينيّ “، ولكن دعونا نضع الأمور في هذا السياق، إن الذين يتبعون النظام النباتي لأسباب دينية لا يهتمون إن كان نافعاً أم ضاراً لهم، لأنهم يعتقدون أنه يجب ألا تُستخدم كمصدر للغذاء، لأنهم ليسوا موجودين في هذا العالم لتلبية رغباتك.

وكما ذكرنا سابقاً، النباتيون الذين يأكلون الخُضرة وحسب، هم أكثر النباتيين تشدداً. ومن يتبعون النظام النباتي لأسباب دينية عادة ما ينتهي بهم المطاف ليصبحوا من هذه الفئة من النباتيين. ولهذا فإنّ السبب الذي يرفضون من أجله الأطعمة المصنوعة من الحيوانات، هو أنهم يعتقدون أن للحيوانات حقوق البشر ذاتها، وأنّ قتل الحيوانات لاستعمالها في صنع الطعام هو نوع من التمييز.

النباتيون الذين يتبعون هذا النظام لأسباب صحية، في معظم الأحيان يكونون مهتمين إما بخسارة الوزن أو تقليل مستوى الكوليسترول لديهم. ولهذا فهم يأكلون أحياناً المنتجات الحيوانية بما فيها اللحم، ولا يؤنّبهم ضميرهم أبدأً بتناول المنتجات غير الغذائية المصنوعة من الحيوانات.

ولكي نعرض النباتيين الذين يتبعون هذا النظام الغذائيّ لأسباب أخلاقية، وأولئك الذين يتبعونه لأسباب صحيّة بمنظور أفضل، فإن النباتيين لأسباب صحية هم المستفيدون، بينما تكون الحيوانات هي المستفيدة من إقلاع النباتيين عن تناول اللحوم لأسباب أخلاقية.

يُعاني النباتيون من نقص فيتامين ب 12

نقص فيتامين B12 هو عرض شائع لدى النباتيين الذين لا يأخذون مكملات

يستطيع النباتيون الحصول على جميع أنواع الفيتامينات والمعادن من النظام الغذائي النباتي، ما عدا فيتامين ب12، والذي يوجد في اللحوم، السمك، البيض، والألبان.

بإمكان النباتيين الحصول على هذا الفيتامين من الحبوب الغنيّة بالفيتامينات، والمتممات الغذائية، ولكن هذا ليس كافياً. فإن نقص فيتامين ب12 فد يؤدي إلى إنتاج مفرط للحمض الأميني، مما يؤدي إلى اكتئاب، إعياء، وهن، غثيان، إمساك، مرض القلب، وسكتة.

إن الأشخاص الأكثر عرضة هم النباتيون الذين لا يستهلكون أي نوع من اللحوم أو المنتجات الحيوانية، حتى النباتيون وغير النباتيين هم عرضة للإصابة بنقص فيتامين ب12.

أطلقت دراسة أشارت إلى أن 92% من النباتيين الخضرويين، و62% النباتيين الذين يأكلون البيض والألبان يُعانون من نقص فيتامين ب12.

ثلث النباتيين من الممكن أن يأكلون اللحم في حال كانوا سُكارى

يبدو أن النباتيين لا يؤنبهم ضميرهم عند تناول اللحم في حالة السُّكر. وفقاً لدراسة، فإن ثلث النباتيين يأكلون اللحم عندما يكونون سُكارى، وهي ليست حادثة وحيدة، ففي كل مرة يسكر فيها أحدهم يقوم بتناول اللحم.

وعادة ما يختارون لحم الكباب، أو البرغر بلحم البقر، والبعض قد أقرّ بتناول لحم الدجاج في بعض الأحيان، النقانق، وحتى اللحم المقدد. حوالي 69% لم يخبروا أحداً أنهم تناولوا اللحم، وأبقوا الأمر سراً.

النباتيون الذين لا يأكلون سوى الفواكه هم شكل متطرف من النباتيين

النباتيون الذين لا يأكلون سوى الفاكهة، هم شكل آخر للنباتيين، إلا أنه شكل مُميت. فهم لا يأكلون سوى الفاكهة ولربما المكسرات والبذور. وبهذا الشكل فإن نمط غذائهم يتألف من الفواكه بنسبة 50%-75%، والباقي من البذور والمكسرات.

عُرف عن ستيف جوبز -Steve Jobs- تبنّيه لهذا النظام الغذائي قبل وفاته. في العام 2013، الممثل آشتون كتشر -Ashton Kutcher- اتبع النظام الغذائي ذاته ليؤدي دور مؤسس شركة آبل للحواسيب في فيلم جوبز -jobs-.

وقد انتهى المطاف بكتشر في المستشفى، بعد إسعافه بسبب آلام في المعدة قبل يومين من بدء التصوير. وقد حدثت آلام المعدة هذه بسبب البنكرياس، حيث أن جوبز نفسه توفي إثر سرطان البنكرياس.

تناول الفاكهة فقط هو أمر مميت، لأن الفواكه لا تحتوي على جميع المواد الغذائية التي نحتاجها. معظم النباتيين بمن فيهم النباتيون الخضرويون، لديهم نظام غذائي واسع (إلا أنهم لا يأكلون الأطعمة التي تحتوي على فيتامين ب 12)، لكن النباتيين الذين يقوم نظامهم الغذائي على الفواكه لديهم خيارات محدودة من الأطعمة لتناولها، رغم أنهم يتناولون الطماطم، الخيار، الفلفل، والتي هي فاكهة عملياً، إلا أننا نُصنفها خضاراً.

النظام الغذائي الذي يقوم على الفاكهة هو غير صحي وغير متوازن أيضاً، فالفواكه لا تحتوي على الكالسيوم، البروتين، أو الحديد. وتدل النتائج على أن من يتبع هذا النظام الغذائي تكون عظامهم أضعف وعرضة للكسر.

هم أيضاً يُعانون من ضعف في الجهاز المناعي، مما يجعلهم عُرضة للأمراض. هذا إلى جانب أنهم يُصبحون أكثر عرضة لازدياد الوزن حالما تخلّوا عن هذا النظام الغذائي، لذا فهذا النظام ليس خياراً لفقدان الوزن.

لم لا يتفق النباتيون وغير النباتيين

يحدث الصدام بين الفئتين لأن غير النباتيين يعتبرون النباتيين وخاصة الخضرويين منهم فلاسفة، فهؤلاء النباتيون عادة ما يتنقدون من يأكل اللحم، وحتى أصدقائهم النباتيين. وهذا جليّ في حملاتهم المناوئة لتناول اللحوم، حيث يبعثون رسائل مثيرة للجدل لغير النباتيين وحتى لرفاقهم النباتيين أيضاً.

على الرغم من أن النباتيين لا يلحظون ذلك، إلا أن هذه الحملات العنيفة، وحملات التخويف، والسلوكيّات الأخلاقية، لا تشجع على وجهة نظر النباتيين. على سبيل المثال، فإن مجموعة حقوق الحيوان -PETA- ادّعت في إعلان أن إطعام الأطفال اللحم، هو استغلال للطفولة.

يُعرف أيضاً النباتيون الخضرويون بتخويف الناس الذين يأكلون اللحم. فقد صبوا دماً مزيفاً في أحد المسالخ، وفي إحدى المرات تركوا تعليقات سلبية موجهة لشيف يأكل اللحم الميت. هم أيضاً يستعملون الصور لحيوانات تُعذب لمنع غير النباتيين وحتى النباتيين من تناول اللحوم. ولهذه الصور آثار عكسية على كل من يريد اتباع النظام النباتي، فالناس عادة يتأثرون بمثل هذه الصور، ويتفادون رؤيتها ورؤية المعلومات السلبية المصاحبة لها مجدداً.

النباتيون الخضرويون يكرهون النباتيين الآخرين أكثر من غير النباتيين

سبق وذكرنا أن النباتيين وغير النباتيين لا يتفقون، لكن النباتيين أيضاً لا تجمعهم رابطة صداقة قوية فيما بينهم.

وكما ذكرنا في البداية فإن ” النباتية ” هي مصطلح شامل لأنماط مختلفة من الناس. الخضارية هي أكثر أشكال النظام النباتي صرامة، فالخضرويون لا يريدون أن نأكل اللحم أو أن نستعمل أي مُنتجات حيوانية أخرى. لكن نباتيين آخرين لا يتبعون هذه الإيديولوجيا، فالبعض يأكل اللحم، الغالبية ليس لديها أي مانع لعدم شرب الحليب، أكل البيض، أو ارتداء الملابس المصنوعة من الجلود.

الخضرويون ينتقدون النباتيين الآخرين بسبب هذه النقطة، فهم يعتقدون أن النباتيين الآخرين يؤثرون على فعالية حملاتهم المناوئة لتناول اللحوم.
الخضرويون متسامحون مع غير النباتيين أكثر من النباتيين.

إنّ النظام التقليلي يمكن أن يكون حلاً بديلاً للنظام النباتي:

بعد كل ما قيل، التقليلية تبدو البديل الأفضل للنباتيّة الغذائيّة، وهي تقليل كمية اللحم التي نتناولها. جميع النباتيين وحتى الخضرويين، يُصنفون، كمقلّلين.

يُمكن أن يتم الخلط بين المقلل وبين النباتي الذي يأكل اللحم والدجاج، فعلى الرغم من أن الاثنين يأكلان اللحم، إلا أن النباتي، يأكل اللحم بين الحين والآخر، بينما المقلل هو شخص نباتي أو غير نباتي يقلل مقدار تناوله للحم.

الخضرويون، والنباتيون الذين يتناولون اللكتوز، والنباتيون الذين يأكلون البيض، والنباتيون ممن يأكلون الاثنين، يُصنفون أيضاً كمُقلّلين، قللوا ما يأكلونه من اللحم إلى الصفر.

إن تقليل الطعام يُعتبر حلاً بديلاً لأولئك الذين يريدون أن يُصبحوا نباتيين، ولكن في نفس الوقت، لا يريدون أن يتوقفوا عن تناول اللحم. ربما ينجح النباتيون أكثر من غيرهم في تقليل تناول الفرد للحوم بدلاً من أن يتوقف عن تناول جميع أنواع اللحوم.

المصدر

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!