لماذا لا توظف المدارس اليابانية عمال نظافة ؟


في اليابان، لا يتقدم الطلاب إلى الامتحانات حتى بلوغهم سن العاشرة. وحتى ذلك الوقت، الأمر الأكثر أهمية للطلاب اليابانيين هو تعلم كيفية العيش. يتم تعليمهم كيفية العيش فعلًا. يتعلمون كيفية رعاية الحيوانات، واحترام الناس، وفهم الطبيعة. كما يتم تعليم الأطفال القيم الأخلاقية مثل ضبط النفس والمسؤولية والعدالة.

كجزء من تدريسهم، يتم تعليم الأطفال كيفية الحفاظ على نظافة البيئة المحيطة بهم. إذا قام الجميع باحترام ورعاية المكان المشترك، فسيتواجد الجميع ضمن بيئة متجانسة. ويعتقد أن اكتساب هذه العقلية في المدرسة سيعلم الأطفال الاحترام والمسؤولية. سيفهمون أن التنظيف هو مسؤولية الجميع. لكي لا يرى الطلاب أنفسهم أكبر من هذا العمل؛ فهم يساعدون بعضهم البعض أثناء واجبات التنظيف.

يتناول الأطفال طعام الغداء في المدرسة، وهم مسؤولون عن جلب القمامة لأماكن إعادة التدوير وتنظيف الطاولة قبل مغادرتهم. يتم جمع كل علب الحليب لإعادة تدويرها. يتناول الطلاب أيضًا طعام الغداء في قاعة الدراسة مع معلمهم، مما يخلق روابط وثيقة بين الطالب والمعلم. في وقت الغداء، يكون الطلاب هم المسؤولون عن تقديم الطعام للمدرسين؛ لا يوجد عمال لتقديم طعام الغداء. بمجرد انتهاء الغداء، يكون المكان نظيفًا للغاية، لدرجة لن تدرك أن أحدًا قد أكل هناك!

ليس ذلك فحسب، تقوم العديد من المدارس بزراعة غذائهم بأنفسهم ويعلمون الأطفال كيفية طهي وجبات سهلة وصحية. مرة أخرى، الأمر لا يتعلق بالطعام، وإنما بالتعليم. يساعد هذا النهج الاجتماعي في التعليم الطلاب على تحسين الاستقلالية، والمسؤولية، ويشجع على تطوير أخلاقيات العمل القوية.

ما هي فوائد هذا الأمر على المدى الطويل؟

كما ذكر من قبل، فإن تعليم الطلاب مسؤولية التنظيف وراء أنفسهم طريقة رائعة لنشر ثقافة حيث يكون التنظيف أمرًا صائبًا. يشجع هذا العمل أيضًا الاحترام المتبادل. إذ يتعلمون أهمية الحفاظ على مكان مشترك نظيف، ويصبحون فريقًا واحدًا يتعاون أفراده لإفادة بعضهم البعض. وأثناء قيامهم بالتنظيف، لدى الأطفال فرصة للدردشة مع أصدقائهم، لذلك ليست هذه المهمة مملة.

في الواقع، لا يتعلق الأمر حول نشاط التنظيف – ليس العمل بحد ذاته هو الأمر الهام ولكن المعنى وراء هذا العمل. المبدأ نفسه ينطبق إذا طلب من الأطفال طلاء قاعات الدراسة، أو تشذيب العشب في حديقة المدرسة. والحقيقة هي أنهم سيعملون كفريق واحد لرعاية البيئة المحيطة بهم. وعندما يكبرون في السن، سوف يستمر هؤلاء الأطفال باحترام ورعاية الأماكن من حولهم. ولن ينسوا أنها عادة جيدة. فتعد مهمة التنظيف مجرد أداة لتعليمهم هذه العادة.

كما قال مايكل أوسلين، وهو مدرس لغة إنكليزية سابق في اليابان، لدورية NPR،  مهمة المدرسة لا تقصر على التعليم من كتاب، وإنما أيضًا تعليم الفرد كيف يكون عضو فعال في المجتمع ويتحمل مسؤولية نفسه . والغرض من المدارس العامة هو التثقيف على كافة الأصعدة، وليس مجرد التعلم من كتاب. فهم يدربونهم على العيش. ففي مستقبلهم، لن يقوم أحد بالتنظيف من ورائهم، فمن الأفضل أن يتعلموا كيفية القيام بذلك الآن.

COPYRIGHT 2007 JEFFREY FRIEDL

ماذا يمكن أن يتعلم الأهل من هذه القصة؟

نحن بحاجة إلى تعليم الأطفال. التعليم ليس فقط وسيلة لتطوير ذكائهم، وإنما أيضًا ليصبحوا أشخاص مفيدين. أشخاص يهتمون بغيرهم من البشر والطبيعة. تشكل المدرسة فترة كبيرة من حياة أطفالنا. فالمدرسة هي المكان حيث يتعلمون مهارات جديدة، وعادات وخبرات، لذلك علينا أن نجعل هذه التجربة استثنائية ورائعة.

كآباء، يجب علينا أخذ دقيقة لتقييم هذه الطريقة في تعليم أطفالنا. يجب أن نفهم أهمية أن يكونوا محترمين ومسؤولين وموجهين نحو العدالة. فلا فائدة من تطوير ذكائهم إذا أضعفنا إنسانيتهم. ربما لا نريد أن نرى أطفالنا ينظفون ويغسلون، لكننا نريدهم بالتأكيد أن يصبحوا أفرادًا جيدين. تذكر أنه ليس العمل بحد ذاته هو المهم وإنما النتيجة النهائية.


 

ديانا نعوس

ديانا نعوس

طالبة في كلية الصيدلة، هدفي واحد هو العلم، وأؤمن بأنه الطريق الوحيد نحو الرقي، الطريق الوحيد نحو التغيير، الطريق الوحيد نحو الأفضل.

الاطلاع على جميع المقالات

اضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!