ما هي الصوفية ؟ وما هي الفروقات بينها وبين بقية مذاهب الاسلام ؟


الإسلام دين عقائدي توحيدي أسسه النبي محمد منذ أكثر من 1400 عام، وهو طريقة حياة تعتمد على القرآن والحديث النبوي، وعلى كل مسلم إتباعهم، ووفقًا للإسلام الحياة يجب أن تعاش بحسب تعاليمهم وأساس هذه الحياة هو طاعة الله، الصوفية من ناحية أخرى هي البعد الروحي الذي يقول باتحاد الله والانسان، ويُعتقد أن الصوفية مفهوم باطني سابق للتاريخ، حيث ظهرت في الهندوسية وعند النساك المسيحيين، لكن من الأصلح القول أن الصوفية ازدهرت في هيكلية وممارسات الإسلام، يعتقد البعض أن الصوفية كانت ردة فعل على خيبة الأمل من نمط الحياة المادي المرفه الذي عاشته الخلافة الأموية، وينسب المتصوفون أنفسهم لمدرسة علي بن أبي طالب ويعتبرونه من مؤسسيها، كثير من علماء التصوف والإسلام يعتقدون أن الصوفية تعتمد على التأمل والتلاوة وشعائر أخرى تدخل الإسلام، حتى أنهم يرون الصوفية سعيًا للحياة التي كان يعيشها النبي محمد.
الصوفية أو التصوف هو مذهب إسلامي، لكن وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان (وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده – كغيره من العلوم – جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه بـ علم التصوف، أو علم التزكية، أو علم الأخلاق، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية لابن عطاء الله السكندري قواعد التصوف، للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري ومن جوامع الكلم لمحمد ماضي أبو العزائم وغيرها.

الاختلافات:

1 – مفهوم الطريق الصحيح إلى الله: الفرق الأساسي بينهما هنا، حيث الصوفية تعتقد بوجوب تحقيق الاتحاد مع الله، أما الإسلام فيرى أن التعاليم القرآنية والشريعة والحديث هي ما يجب إتباعه بدقة لتحقيق القرب من الله، أما الصوفية فتعطي الأولوية للشعائر التي تقدس الله.

2 – أهمية الشريعة: المسلمون يرون بأن الالتزام الصارم بالشريعة أمر ضروري، فهي ليست فقط دستورًا لحياتهم بل جذر الهوية السياسية الإسلامية، وهذا ما يجعلهم يعادون الأنظمة الديمقراطية، فأي نظام قانوني أخر غير الشريعة في نظرهم يكون معاديًا للإسلام، أما الصوفيين فلا يرون في اتباع الشريعة ما يحقق التقرب من الله، بل يرون الطقوس والتأمل ما يقرب من الله، فهم لا يتعصبون ضد أنظمة الحكم الديمقراطية.
3- القرب من الله: يعتقد المسلمون أنهم باتباع القرآن والحديث سيحققون القرب من الله ويدخلون الجنة بعد الموت، أما المتصوفون يظنون أن القرب لله قد يتحقق في الدنيا ولا حاجة لانتظار ما بعد الموت، يعتقد المسلمون بأهمية الالتزام بالشريعة ظاهريًا، أما الصوفية فتضع الأولوية للبعد الروحاني الباطني.
4- الترف المادي: الإسلام لم يحرم المتع المادية والرفاهية، وتعاليم القرآن تؤكد على التبرع بالمال للفقراء، أما الصوفية فهي زهد طوعي وابتعاد عن متع الدنيا.
5- الروحانية: التيار الإسلامي يلتزم بالتعاليم بحزم مع نقص في القيم الروحية، الصوفية تحاول ملء هذا الفراغ الروحي الذي تركه النظام الديني الإسلامي.
6- الحج: المسلمون يرون أن الحج إلى مكة يطهر المسلم، لكن الصوفية ترى أن طريق الحج مختلفة.
7- الذكر: وفقًا للصوفية فالذكر والممارسات الشعائرية توصلك إلى الله، لكن المسلمين يرون أن النبي محمد هو الوحيد الذي اقترب من الله في حياته ولا أحد سواه.
8- الموسيقا والرقص: في الإسلام الموسيقا الوحيدة المسموحة هي ترتيل القرآن، أما الصوفية فترى الموسيقا وسيلًة لتسبيح الله، حتى أنهم يستخدمون الرقص كنوع من العبادة، أما المسلمون فيرون في الرقص والموسيقى ملهاًة عن عبادة الله.

 

تعد الصوفية تجليًا ممن تجليات الإسلام على الرغم من العمق التاريخي لها، والطوائف الإسلامية المتشددة بشكل عام تعادي الصوفية وتحاربها بوصفها بدعًة وبعدًا عن الشريعة الملتزمة، انحسرت الصوفية في الأعوام العشرين الأخيرة بعد أن كانت تنتشر بشكل واسع في العالم العربي لأسباب كثيرة أغلبها سياسي.


 

أليسار مصطفى العبيد

أليسار مصطفى العبيد

الاطلاع على جميع المقالات

3 تعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة مؤخرا

error: Content is protected !!